«بسبب التكنولوجيا العصبية».. لجنة دولية تحذّر من انتهاكات حقوق الإنسان المحتملة
«بسبب التكنولوجيا العصبية».. لجنة دولية تحذّر من انتهاكات حقوق الإنسان المحتملة
لفترة طويلة، اعتبر العقل والضمير البشري وعاء المكنونات الذات، وحصناً حصيناً لا يمكن النفاذ إليه من الخارج، ومثل اختراق الدماغ، والاطلاع على العمليات العقلية الداخلية، أو تغييرها بشكل مباشر، حدودا لا يجب تجاوزها، وحتى اليوم، لا يوجد فهم كامل للآثار العميقة التي ستترتب على حقوق الإنسان في حال سُمح للتكنولوجيا بالنفاذ إلى العقل البشري والتفاعل معه.
جاء ذلك في تقرير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان حول آثار التكنولوجيا العصبية وفرصها وتحدياتها في ما يتعلق بتعزيز جميع حقوق الإنسان وحمايتها، المقدم لمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ57 التي انطلقت يوم 9 سبتمبر الجاري وتتواصل حتى 9 أكتوبر المقبل، واطلع "جسور بوست" على نسخة منه.
ويثير التقدم السريع الذي عرفته التكنولوجيات العصبية على مدى العقد الماضي توقعات كبيرة ومخاوف جدية.
وتظهر تطورات واعدة يعرفها مجال البحث العلمي الكيفية التي تسهم بها هذه التكنولوجيات في تطوير علوم الأعصاب التطبيقية.
وقد يتيح فهم أفضل لعمل الجهاز العصبي والدماغ البشري أدوات جديدة لتشخيص الأمراض العصبية والنفسية والوقاية منها وعلاجها.
وبحسب التقرير، تنطوي الأجهزة المساعدة على إمكانات كبيرة لتحسين قدرة الأشخاص على الحركة وتحقيق استقلاليتهم. وتوجد في الأسواق بالفعل تطبيقات مختلفة يمكن للمستهلك استخدامها مباشرة في مجالات التعلم والترفيه والرفاهية.
وقد تُحدث استخدامات أخرى يجري تطويرها حاليا ثورةً في طريقة تواصل الناس أو عيشهم. ولتحقيق ذلك، يتعين أن تتمكن الأجهزة الخارجية من الاطلاع مباشرة على أنشطة الدماغ البشري.
وحذر التقرير من أن الجماعات التي تعاني التمييز الهيكلي والأشخاص المهمشون أو المحرومون اجتماعيا واقتصاديا أشد الجماعات عرضة لخطر سوء استخدام التكنولوجيات العصبية خلال مراحل تجريبها. فقد يستغل المطورون نقاط ضعفهم الاقتصادي أو البدني أو النفسي أو تلك المتصلة بوضعهم المهني أو سنهم، من بين أمور أخرى.
والأشخاص ذوو الإعاقة عرضة بشكل خاص للإجراءات والبحوث والتجارب الطبية والعلمية، وغالبا ما تطور التكنولوجيات العصبية دون إرشادات حقوق الإنسان ورصدها بشكل سليم، ما قد يعرضهم لخطر غير متناسب من الأضرار البدنية أو العقلية، فبدون تفاعل الأشخاص ذوي الإعاقة ومشاركتهم بشكل هادف في تصميم التكنولوجيات العصبية وتطويرها ونشرها لربما أسهمت هذه التكنولوجيات في وصم وتشيئ الأشخاص بما يعزز التمييز الهيكلي.
وقد يكون الأطفال والشباب عرضة بشكل خاص للتأثيرات السلبية للتكنولوجيات العصبية بسبب تمطط أدمغتهم، خاصة أنه لم يكتمل نموها بعد.
وقد تؤثر التكنولوجيات التفاعلية على عملية تشكل الهوية، وتؤثر على استقلالية الفرد وقدراته الذاتية، وتنشئ لديه تبعية لها. بحسب التقرير.
ومسألة استخدام بعض التكنولوجيات العصبية لانتزاع المعلومات من المشتبه بهم قسرا أو التلاعب بها، واستخدام هذه المعلومات في الإجراءات القضائية ضدهم تثير علاوة على ذلك قضايا تتعلق بحظر التعذيب وسوء المعاملة، وقرينة البراءة، والحق في الخصوصية العقلية، بوصفها خاصية أساسية لحرية الفكر، فضلا عن الحق في الخصوصية، والحق في عدم تجريم الذات.
وتتحدى التكنولوجيات العصبية أسس نظام حقوق الإنسان ويمكن أن تستخدم بأساليب لربما أفضت إلى تآكل الديمقراطية وسيادة القانون.
ومع ذلك، ركزت اللجنة على الحقوق التي تتأثر أو يمكن أن تتأثر بشكل فوري أو كبير جراء تطوير التكنولوجيات العصبية ونشرها.
ومن شأن بعض التطبيقات المقترحة للتكنولوجيات العصبية في مجال العدالة والأمن القومي أن تفضي إلى تجريم الفكر نفسه.. فبدعم من التكنولوجيات العصبية، يمكن معاقبة الناس على أفكارهم أو نواياهم قبل أن يجهروا بها، ويمكن اتخاذ قرارات استباقية تؤثر على حياتهم أو مصالحهم حتى قبل أن تترجم إلى أفعال.
ويمكن استخدام التكنولوجيات العصبية للتدخل في سلوك الأفراد والتلاعب بهم.
ومن خلال أجهزة التعديل العصبي، يمكن تغيير العمليات البدنية والعقلية لضمير الشخص بطرق تشبه غسيل الدماغ.. وقد تخدم القدرات التي تتيحها التكنولوجيات العصبية أغراضا أخرى غير مشروعة.
وقد لا تحمي أطر حماية الخصوصية الدولية والمحلية الحالية خصوصيات بيانات الدماغ بشكل كافٍ، وقد يكون من الضروري وضع معايير حسب السياق للوقاية من تدخل أطراف ثالثة دون موافقة.
وتثير التكنولوجيات العصبية التي يقترح استخدامها في التحقيقات وتقصي الحقائق في المجال الجنائي إشكاليات كبيرة حيث يصعب معرفة كيف يمكن استخدامها دون انتهاك الحق في الإجراءات القانونية الواجبة، وهو حق ينطبق في جميع الأوقات.